الاضطهاد والعنف يلاحق أفراد مجتمع الميم حتى في مسيرات الفخر

شارك!

تعد مسيرات الفخر فرصة لأفراد مجتمع الميم لمواجهة التشريعات والقوانين المناهضة حقوقهن/م، إلا أن الأمر لا يخلو من الاضطهاد والتعدي عليهم حتى في أيام المسيرات وخاصة من قبل رجال الأمن أو الشرطة في البلدان التي تمنع هذه الفعاليات بل وتحاربها.

بيلو سوري كويري يعيش في مدينة إسطنبول، روى لنا ما تعرض له خلال مشاركته بمسيرة الفخر الأخيرة.

يقول، في الواقع لم تكن هذه مشاركتي الأولى بمسيرة فخر، فقد شاركت بجميع مسيرات الفخر السابقة منذ 2019 وحتى مسيرة 2022 والتي أثبتت لي أن نظرة الرفض والكره وعدم التقبل لأفراد مجتمع الميم-ع ما زالت قائمة بل بوتيرة أعلى من سابقتها.

نوبة حزن شديدة أعترتني بعد أن بدأت جموع الأمن والشرطة تحتشد على مقربة منا، كنت أمل أن   لا يحدث ما حصل، لاحقتنا الشرطة وعناصر الأمن وبعض الرافضين لوجودنا، كما انهالوا علينا بالضرب والشتائم.

في البداية كنت سعيد جدا، شعرت بأن أنوار ساطعة من حولي تنير المكان، عندما بدأ الناس يتجمعون ويهتفون بشعارات وكلمات غاية في الجمال، ألوان زاهية تدل على إيجابية الحياة ورونق جمالها، أشعرني كل ذلك بأني مازلت على قيد الحياة حقا! 

إلا أن العاصفة بدأت تقترب رويدا رويدا، وأقصد بالعاصفة هنا، رجال الأمن والشرطة الغاضبين منا، كان الأمر بمثابة عاصفة قوية مرعبة أفسدت يوم ربيعي مشمس.

اعتقلت الشرطة ما يقارب الـ 400 شخص من أفراد مجتمع الميم، تحت الضرب والركل وكافة أشكال التعنيف الممكنة، دون أي رحمة أو تعاطف.

تم نقلنا إلى مراكز الشرطة في كاراكوي ثم انتظرنا هناك لمدة ساعتين، أخذونا بعد ذلك إلى المشفى، لأنهم طلبوا منا إجراء فحص طبي شرعي، حسب تعبيرهم، كان الطلب سيء للغاية وقعه ثقيل على مسامعنا، ويعد انتهاك لإنسانيتنا قبل أي شيء آخر، لكن نحن في مكان لا يمكن لنا الاعتراض، انتظرنا ما يقارب الثلاث ساعات ثم دخلنا إلى الطبيب الذي يرمقنا بنظرات كره واستحقار بدون أن يقوم بفحص أي أحد منا. 

بعد هذا تم نقلنا إلى مكان يسمونه “وطن” لا أعرف بالضبط كم بقينا هناك لكننا بقينا ما يقارب ال ٢٠ ساعة، تخللها معاملة سيئة جدا لدرجة منعنا من دخول المرحاض، التقينا بعدها بمجموعة محامين يتبعون لمنظمات تساعد أفراد مجتمع الميم، حيث اجتمعنا معهم في غرفة قبل أن نرى الموظفون في مركز الاحتجاز

مضت ساعات قليلة  نقلنا بعدها إلى مستشفى  في المنطقة، بعد أن أخبرنا المحامون   أنه يجب علينا أن نقوم بعمل فحص طبي حقيقي لنتمكن من الخروج من هنا، وفعلا بعد أجرائنا للفحص تم إطلاق سراحنا تحت ظروف نفسية غاية في السوء.

 تجربتي في المسيرة الأخيرة مختلفة، عن بقية التجارب التي مررت بها خلال مشاركاتي السابقة.

لا يمكنني أن أقول إن هذه مجرد تجربة هذه قضية وكان من واجبي أن أكون موجودا. لا أرى أن هناك معنى أن يعيش شخص من دون أن يكون لديه قضية يدافع عنها وهدف يسعى للوصول إليه.

امتزجت لحظات الفرح بلحظات الخوف، لتتولد لحظات حنان عندما تعرفت على بقية الأشخاص الذين احتجزوا معي في نفس الحافلة، كان الجميع متحد مع بعض وقلقون على بعض، كانوا يتحدثون باللغة المشتركة بيننا (الإنجليزية) بعد أن أخبرتهم بأني لا أتقن التركية بشكل جيد واخبروني ماذا علي أن أقول حتى لا أقع في مشاكل أخرى لأني سوري الجنسية 

كانت تجربة تستحق العناء

يستذكر بيلو خلال سرده للقصة، الحالة التي يعيشها أفراد مجتمع الميم في سوريا، من خلال حالته إذ يقول في سوريا كنت أواجه الخوف دائما من  أن يكشف أمري من قبل عائلتي ومن قبل أصدقائي في المدرسة،

 كنت أعيش في صراع داخلي بين أن أحمي نفسي من النظرات الدونية والاستحقار وربما الأذى الجسدي أيضا، فأفضل أن أبقي هويتي  الحقيقية في الخفاء، تراودني أفكار أخرى أنه علي أن أقاوم كل ذلك ، حتى أصل  على ما أريد وحتى وأن كان ثمنه غال، ولعل الأمل الزائف بالحرية التي سأحصل عليها يوما في بلدي سيكون الجبر الوحيد لي آنذاك.

لا يمكنني مقارنة حياتي في سوريا بحياتي الآن في تركيا، ربما يوجد فروق بسيطة، لكن هذا لا يعني أنني أعيش بسلام هنا.

بالنسبة للاجئين السوريين من مجتمع الميم-ع  مثل بيلو ، كانت التجربة في مسيرة فخر اسطنبول ٢٠٢٢ بمثابة تذكير بالقمع الحاد الذي يواجهه مجتمع الميم-ع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، على الرغم من أن تركيا يُنظر إليها على أنها مكان أكثر انفتاحًا بالنسبة لمجتمع الميم-ع ، إلا أن التمييز والكراهية والعنف لا يزال متأصلًا في الثقافة والسلطة. الفرق بين معاملة الميم-ع  في تركيا وسوريا ليس كبيرًا. على الرغم من التجريم في سوريا ، فإن كونك منفتحًا ومعبّرًا عن هويتك الجندرية او الجنسية الغير نمطية  في أي مكان في هذه المنطقة هو خطر على الصحة والرفاهية إن لم يكن على الحياة.