“كان العثور على أصدقاء يمثل تحدياً كبيراً في بيئة مثل إدلب في سوريا حيث أقيم، مع ذلك استطعت عبر الإنترنت التواصل مع أشخاص يشاركونني نفس الهوية والتجارب” حيدر – إدلب.
“لا أنصح أحد في العراق ببناء علاقات مع أفراد مجتمع الميم، مع كل إعتقال يتم تسجيل أسماء آخرين ضمن قوائم اغتيالات واعتقالات”. ميلو – العراق.
أن تكون/ين فردا من مجتمع الميم ع في الشرق الأوسط، هذا يعني غالباً الحرمان من أبسط حقوق الحياة، من أشياء بديهية، كالضحك مع الأصدقاء أو البكاء حتى! فمهمة تكوين الصداقات وما يعرف بالمساحات الآمنة، تصبح أحياناً محفوفة بالخطر وقد تؤدي في أحيان أخرى إلى الموت أو الاعتقال.
نذهب معكم من خلال هذا التقرير في تحديد مشاعر أكثر من 40 شخصاً من أفراد مجتمع الميم عين + إزاء تجارب تكوين الصداقات والمساحات الآمنة سواء مع أفراد المجتمع نفسه، أو مع مغايرين/ات، ونصيحتهم/ن حول ذلك، وسنقوم بتحديد هذه المشاعر بناء على بعدين: إما سلبية أو إيجابية.
اخترنا العينات من خلال استبيان مفتوح موجه إلى مجتمع الميم ع، من وفي سوريا والشرق الأوسط في بداية أيلول/ سبتمبر 2024، وهم مجموعة من متابعي/ات منصات كل من LGBT بالعربي وحركة حراس المساواة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما طلبنا من المشاركين/ات في الاستبيان الذين بلغ عددهم/ن 67، تحديد اسم مفضل، فيما بدأنا من المشارك رقم 6 وصولاُ إلى المشارك رقم 60.
يقصد بالمشاعر كما يعرفها علماء النفس أنها أي موقف أو فكرة أو حكم ناتج عن شعور يكونه الفرد حول مسألة معينة.
بلغت الردود حول مساحات الصداقة الآمنة مع أفراد مجتمع الميم ع: 47 جواباً، في حين بلغت الردود حول مساحات الصداقة الآمنة مع مغايرين/ات: 41 جواباً.
رسم بياني رقم 1:
هل استطعت تكوين مساحات صداقة آمنة مع أفراد من مجتمع الميم ع، ما هي نصيحتك في ذلك؟
إيجابي: 27
سلبي: 20
رسم بياني رقم 2:
هل استطعت تكوين مساحات صداقة آمنة مع مغايرين/ات، ما هي نصيحتك في ذلك؟
إيجابي: 17
سلبي: 24
الصداقات مع أفراد مجتمع الميم ع:
يرى حيدر المقيم في إدلب وهو اسم وهمي، أن النصيحة الأهم هي الحذر في اختيار من تشارك تفاصيل حياتك معه/ا، يشير إلى الإنترنت باعتباره أداة “رائعة” لبناء علاقات وينبه من التعرض للاستغلال أو الابتزاز.
يتفق أوسكار مع حيدر في الرأي أن “أفضل” طريقة لتكوين الصداقة تكون من خلال شبكة الإنترنت، ويرى أنه من غير المحبذ التعرف على أبناء الحي أو زملاء العمل، يقول مشارك آخر تحت اسم أبولو، إنه استطاع تكوين الصداقات فقط عبر الإنترنت.
في العراق كانت نصيحة المشارك Milo تجنب بناء العلاقات حالياً حتى مع أفراد مجتمع الميم ع، بسبب كثرة الاعتقالات والملاحقات تجاه أفراد مجتمع الميم ع: “لا أنصح أحد في العراق ببناء علاقات مع أفراد مجتمع الميم، مع كل إعتقال يتم تسجيل أسماء آخرين ضمن قوائم اغتيالات واعتقالات”.
الصداقات مع المغايرين/ات.. “بخاف الناس ما تقبل”:
يقول حسن إنه يمتلك صداقات مع أفراد من مجتمع الميم ع، وكذلك مع مغايرين/ات لكنها ليست بكثيرة: “لأن بخاف في كتير ناس ما تقبل”، بينما يجد المشارك رقم 13 والذي لم يختر اسماً له، أن تكوين مساحات الصداقة مع مغايرين/ات أمر مهم “إذا كان Friendly وغير ذلك فهو خطر”.
لدى إلياس تجربة أخرى، يقول: “في عدم ارتياح مع المغايرين”، ولهذا اقتصرت علاقات الصداقة بالنسبة له من مجتمع الميم ع، يصف بأنهم/ن أصبحوا مثل عائلته، أما زين فقد استطاع تكوين مساحة آمنة و”دافئة” مع كثير من المغايرين/ات وأفراد مجتمع الميم ع “ابحث بداخلك ستجد مساحتك الآمنة والأناس الذين يحبونك حقاً”.
التوازن واحترام الذات لتكوين المساحات الآمنة:
تقول إيما إنها عندما بدأت السعي لإيجاد مساحات أمان من داخل وخارج مجتمع الميم ع كانت لا تزال في سوريا، وتشير إلى أن حبها واحترامها لذاتها وانفتاحها أكثر مع الأصدقاء المقربين قادها لاختيار مساحات آمنة من الأشخاص، لكن ذلك لم يكن “سهل أو مريح دائماً”.
أيضاً، راديكا وهي فنانة استعراضية (Drag) تقول إنها كونت صداقات مع أفراد مجتمع الميم عين وأفراد مغايرين/ات. تنطلق راديكا في نصيحتها من الذات الداخلية، حيث تجد أن “التوازن” الداخلي شرط لتكوين صداقة ومساحة آمنة.
ملخص تحليلي:
تظهر لنا النتائج السابقة ما يلي:
- يواجه أفراد مجتمع الميم ع صعوبة في تكوين الصداقات مع أفراد مجتمعهم/ن بسبب عدة عوامل أولها: الخوف من المجتمع ومن السلطة.
- تزداد هذه الصعوبة في إيجاد مساحات آمنة من الصداقات فيما لو كانت مع مغايرين/ات.
- نلاحظ من الرسم البياني رقم 1 أن أكثر من نصف المشاركين/ات عبّروا/ن عن مشاعر إيجابية تجاه تكوين مساحة صداقة آمنة مع أفراد من مجتمع الميم ع.
- في الرسم البياني رقم 1 كان لدى أكثر من ثلث المشاركين/ات مشاعر سلبية في تكوين صداقات مع أفراد مجتمع الميم ع: ضمن الاستبيان تحدث جزء عن العجز في تحقيق ذلك نظراً للظروف الأمنية والاجتماعية وأسباب أخرى وجزء آخر عبر عن عدم الارتياح للفكرة والبعض بسبب تجربة غير جيدة.
- نلاحظ من الرسم البياني رقم 2 أن 40% من المشاركين/ات عبر عن مشاعر إيجابية تجاه تكوين مساحات صداقة مع مغايرين/ات.
- في الرسم البياني رقم 2 عبر أكثر من النصف عن مشاعر سلبية في تكوين صداقات مع مغايرين/ات: كانت الإجابات على هذا السؤال أقل ضمن الاستبيان، ويتضح أن المشاركين/ات عبروا أيضاً عن عدم ارتياح للفكرة بسبب الخوف بينما صرح البعض عن تجارب غير جيدة.
خلفية:
مع الصراعات المستمرة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من عشر سنوات، بدءا من الثورة السورية في عام 2011، والحرب التي تبعتها والتي لا زالت عواقبها مستمرة إلى الآن، والتصعيد في جنوب لبنان وقطاع غزة، تتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لأفراد مجتمع الميم ع، لا سيما في دول مثل سوريا، حيث خلص بحث أعدته حركة حراس المساواة إلى أنها البلد الأخطر على أفراد مجتمع الميم ع، أو العراق التي شهدت تعديلات قانونية لتجريم المثلية وتطبيق عقوبة الإعدام بحق مرتكبيها، أو لبنان التي يحرض فيها قادة سياسيين ودينيين على المثلية بالإضافة إلى اعتداءات تقوم بها جماعات راديكالية متطرفة تستهدف أفراد الميم ع.
توصيات:
يقودنا ما سبق إلى ضرورة فهم الاحتياجات والتحديات أمام أفراد مجتمع الميم ع، في تكوين الصداقات والمساحات الآمنة وتأثيرها على الصحة النفسية والعاطفية والحالة الاجتماعية، وذلك مهم في سياق تطوير مبادرات وبرامج داعمة تهدف إلى:
- بناء مجتمع أقوى ودوائر دعم مقربة: حيث يشعر الجميع بالأمان النسبي والانتماء لا سيما المتواجدين/ات في مناطق مثل سوريا، لبنان، والعراق.
- دعم الصحة النفسية والعاطفية لأفراد مجتمع الميم ع.