أسبوع التوعية بالـ “غير الثنائيّة الجنسيّة”

الثنائيّة الجنسيّة هي تلخيص للاعتقاد الإشكالي الذي ساد ثقافيّاً وتم دعمه اجتماعياً ودينياً، والذي يُقرّ بوجود نوعين جنسيين فقط : “الذكورة والأنوثة”، ويُفترض أن يتم تعريف الشخص وفقاً لجنسه البيولوجي إما كذكر أو كأنثى، وعليه بالتالي التماهي مع الأدوار الاجتماعيّة المناطة بهذا الجنس وتأديتها.

 بينما يُعبر مصطلح اللاثنائية الجنسية (بالإنجليزية non-binary أو(Genderqueer عن هوية جنسيّة ثالثة تُضاف الى الهويتين التقليديتين ( الذكورة والأنوثة) وقد بدأت الدول تعترف بها مثل كندا ونيوزيلندا وأستراليا والأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً كتعبير عن الانفتاح والتقبل والتسامح، فالهويّة الجنسيّة غير الثنائيّة ليست مرضاً ولا اضطراباً نفسيّاً وأيضاً ليست اضطراباً جنسياً، إنما هي  فقط هوية وانتماء خارج عن قطبية الذكورة والأنوثة بشكلهما وتعريفهما الثقافي التقليدي . 

مفهوم ومصطلح الهويّة الجنسيّة غير الثنائية هو طيف جنسي واسع يشمل كل أولئك الأشخاص الذين/اللواتي لا يعرّفون عن أنفسهم/ن إما كذكر أو أنثى لكونهم/ن لا يجدون في أنفسهم/ن بما يحملونه من خصائص جنسيّة بيولوجيّة وتشريحيّة ما يجعلهم/ن يتوافقون مع أحد هذين المعيارين وقد يشعرون أنَّ هويتهم/ن الجندريّة تتخطى أو موجودة خارج معيار الذكورة أو الأنوثة أو حتى كليهما، كما يتبنى مصطلح Genderqueer الموقف القائل بأن النوع والجنس ليسا بمنتجات “طبيعية – قدرية ” مشروطة بيولوجيًا، وأن “الأنوثة” و “الذكورة” كمفاهيم جنسيّة تم تشكيلها وبناءها ثقافيًا.

هذه الهوية الجنسيّة الجندريّة بدأت تجد لنفسها مكان في الوثائق الرسميّة، كالهويّة الشخصيّة أو جواز السفر، ويتم الإشارة إليها إما بترميزها في بعض البلدان ب “X” كما كان عادة يتم ترميز الأنوثة بـF و الذكورة بـM، أو عبر إلغاء خانة الجنس نهائيّاً من الوثائق الشخصيّة ووثائق السفر! 

قد يتماهى ويتماثل الأشخاص غير ثنائي الجنس “X”مع كلا الجنسين أو مع لا أحد منهما، هناك أيضًا أشخاصاً يعرّفون عن أنفسهم/ن بأنهم/ن لا قطبيين/ات جنسياً ( أي لا ينتمون الى أحد الأقطاب الجنسيّة كالذكورة أو الأنوثة) وإنما مرنين/ات جنسياً، أي أنهم/ن يمكن أن يشعروا كأنهم/ن أنثى أو ذكر!

 ومن الممكن للشخص الذي ينتمي إلى هذا النظام الجندري غير الثنائي جنسياً أن يكون متحول/ة جنسياً (عابر/ة) أو لا جنسي/ة أو من ذوي الجنس الثالث أو ثلاثيي الجندر ومتنقل/ة بين الجنسين.

ومن المهم أن نعرف أن مصطلح “غير الثنائيّة الجنسيّة” يشير إلى الانجذاب الجنسي الذي لا يتوافق لا مع معايير المغايرة الجنسيّة كما لا يتفق مع معايير المثلية الجنسية. 

الاحتفال والاحتفاء بأسبوع التوعيّة بهذه الهويّة يبدأ في الرابع عشر من يوليو/تموز وهو اليوم العالمي لـ “غير الثنائية الجنسية” من كل عام .

 بينما تستمر التوعية بها طيلة أسبوع وعبر فعاليات متنوّعة تهدف الى التوعية بخصوصيّتها كأحد أوجه التنوّع، كل تنوّع، بما فيه التنوّع الذي يشمل الهويّة الجنسيّة التي تعبر عن فردية كل شخص وحقّه بأن يُعرّف عن نفسه/ها جنسياً بطريقته/ها الخاصة ويتبنّى هويته/ها الجنسيّة المناسبة له/لها دون أن يكون مضطراً لإخفائها أو لأن يحشر نفسه/ها في تعليبات ثنائية مسبقة لا تتناسب مع خصوصيته/ها الجنسية!

تتركز الفعاليات خلال هذا الأسبوع على شرح مفهوم ومصطلح “غير الثنائية الجنسية” كهوية جنسية بالدرجة الأولى يتوجب تقبلها والاعتراف بها كغيرها من الهويات الجنسية الأخرى  من منطلق الحقوق المتساوية، بما في ذلك عدم التمييز على كافة المستويات، ومنها أيضاً مناهضة التنمر بحقهم/ن، ومنها كذلك الأمر احترام حقهم/ن بكيفية مخاطبتهم/ن بما يتوافق معهم/ن، أو على الأقل إيجاد الصيغ المناسبة التي لا تسيء إليهم/ن . 

 تجدر الإشارة إلى أنه ليس كل شخص يُعرّف على أنه غير ثنائي يسعى بالضرورة لتغيير مظهر جسده/ها أو اسمه/ها، إلا أن التماهي مع الهوية “غير الثنائية” يمكن أن يتجلى  في اللغة الإنجليزية مثلاً التي تعتبر أكثر حياديّة من حيث النوع الاجتماعي بالمقارنة مع بقية اللغات ومنها اللغة العربية، يستخدم الأشخاص الذين/اللواتي يعرّفون عن أنفسهم/ن على أنهم/ن “جنسانيون” صيغة المفردthey , them) ) بدلاً من المذكر أو المؤنث، وللعلم فقد تم اعتماد هذا الشكل من مخاطبة الأشخاص غير الثنائيين/ات من قبل جمعية علم النفس الأمريكية.للهوية غير الثنائية والتي تناقض الهوية الثنائية الجندرية التقليدية رموزها، وأحد أكثر الرموز شهرة هو العلم الذي يتكون عدة شرائط :  اللون الأصفر، وهو يشير للأشخاص الخارجين من النظام الثنائي، و اللون الأبيض، للأشخاص الذين يتماهون مع أكثر من جندر بداخلهم، واللون البنفسجي، الذي يمثل الأشخاص الذين جندرهم مكون من خليط بين الذكورة والأنوثة أو ما بينهما، وأخيراً اللون الأسود، الذي يمثل الأشخاص الذين لا يتماهون لا مع الذكورة ولا الأنوثة  في ذات الوقت، وهناك أيضاً رمز آخر لهذه الهوية وهو رسم يدمج كوكب الزهرة ( الذي يُستخدم تقليدياً لتمثيل الجنس الأنثوي) ورمز كوكب المريخ ( الذي يُستخدم لتمثيل جنس الذكور) .

بقلم الدكتور بسام عويل – اختصاصي اكلينيكي بالصحة النفسية والصحة الجنسية وكذلك بالعلاج النفسي والجنسي، بروفيسور أكاديمي يعمل في جامعات بولندا، 

شارك!