“الليبرالية الحديثة”: نهج الأسد في الهجوم على الحريات.. كيف أقحمت أسماء الأسد ملف المثلية في زيارتها للصين ؟

ضمن استراتيجية ممنهجة للنظام السوري هاجمت مؤخرا أسماء الأسد المثلية الجنسية معتبرة إياها أساس وجوهر “الليبرالية الحديثة”، في محاولة لتصوير أفراد مجتمع م-ع كسلاح أنتجه الغرب يهدد القيم والأخلاق في المجتمع، جاء ذلك خلال كلمة لها أمام طلاب جامعيين في أثناء زيارتها إلى الصين، اتهمت فيها “الليبرالية الحديثة” “بالعبث بالإنسان” وخلق “جنس ثالث” منه. 

تصريحات أسماء الأسد تتماهى مع منهجية بدأها رئيس النظام السوري تنطوي على انتقاد الحريات والقوانين في الغرب بوصفها مؤامرة يقودها “تيار الليبرالية الحديثة” تؤثر سلبا على قيم وأخلاق المجتمع، تشير زوجة رئيس النظام في كلمتها الأخيرة إلى المثلية في محاولة لتوظيف هذا الملف ضمن الإطار نفسه، في سبيل تحقيق غايات سياسية داخلية وخارجية وهو ما ينذر بتصعيد أكبر مناهض للمثليات/ين والعابرات/ين في سوريا. 

المثلية الجنسية و”تيار الليبرالية الحديثة” منهجية بشار الأسد في مخاطبة المحافظين:

لاقى مصطلح “الليبرالية الحديثة” صداه أول مرة عندما استخدمه رئيس النظام السوري بشار الأسد في عام 2020 أمام عدد من رجال الدين في مسجد العثمان بالعاصمة دمشق، هاجم حينها الأسد قوانين وحريات الغرب و”تيار الليبرالية الحديثة” الذي يهدف لتسويق الانحلال الأخلاقي، كانت تلك الإشارة لتشرح وسائل الإعلام الموالية مصطلح “الليبرالية الحديثة” وربطه بالمثلية الجنسية. 

كذلك في أثناء حضوره جامعة الدولة العربية التي انعقدت في مايو/ أيار هذا العام، جدد الأسد الهجوم على ما يسميه “الليبرالية الحديثة” والتي “تستهدف الانتماءات الفطرية للإنسان وتجرده من أخلاقه وهويته”.

أسماء الأسد تساند زوجها: ما الرسائل والغايات؟ 

في يوليو/ تموز هذا العام، زارت أسماء الأسد موسكو للاحتفال بتخرج ابنها حافظ وحصوله على شهادة الماجستير من إحدى الجامعات الروسية، هناك أجرت مقابلة مع قناة روسيا اليوم دعمت فيها آراء زوجها حول “الليبرالية الحديثة” واتهام الغرب بالسعي وراء إذابة الهويات الوطنية والإنسانية والأخلاق التي تحافظ على النسيج المجتمعي في الشرق. 

الفصل الأخير من فصول الرهاب لأسماء الأسد كان حينما قالت أمام عدد من طلاب جامعة الدراسات الأجنبية في العاصمة الصينية بكين: “كما العبث بالجنس البشري وتهجينه وخلق جنس ثالث منه، يأتي العبث باللغة وتهجينها وخلق جنس ثالث منها فكلا الفعلين أساس وجوهر الليبرالية الحديثة من الجنوح الأخلاقي إلى فرض مفاهيم شاذة ومنحرفة عن صورة الأسرة السليمة بما يخالف الفطرة البشرية”. 

تبرز تصريحات الأسد في موسكو والصين العديد من الرسائل والأهداف، لعل هذه أبرزها: 

  • تعتبر استغلال القضايا الاجتماعية لتحويل الانتباه عن القضايا الداخلية أحد الرسائل الرئيسية التي تم التعبير عنها من خلال تصريح أسماء الأسد حول المثلية، في سياق مظاهرات مستمرة يشهدها الشارع السوري سيما في السويداء إلى جانب الضغوط الاقتصادية والحالة المعيشية، تبدو محاولتها لإثارة هذا الملف كوسيلة للتغطية على هذه الأزمات التي تعصف بالبلاد.
  •  استمالة رجال الدين والتيار المحافظ والذي يشكل شريحة واسعة في المجتمع السوري. 
  • الاندماج مع الجيران والحلفاء يمثل أيضاً رسالة أخرى، حيث تسعى أسماء الأسد لتصوير النظام السوري مدافعا عن القيم والثقافة في الشرق. التماهي مع خطابات الرئيس الروسي والمناخ المناهض للمثلية في روسيا، إلى جانب موقف علني يتناغم مع حملة قادة ورموز دينيين في إيران والعراق ولبنان بغطاء سياسي تستهدف أفراد مجتمع م-ع. 
  • تكريس نظرية المؤامرة، واعتبار المثلية محاولات غربية لـ “العبث” بالإنسان، ربط الموضوع باللغة والثقافة يعد تكتيكا ناجحا لحشد الدعم والتأييد لأجندة الأسرة الحاكمة. 
  • تغطية إعلامية إضافية، فقد حقق إثارة هذا الملف غايته بالنسبة لأسماء الأسد حيث عادت الأضواء إليها خلال زيارتها إلى الصين رفقة زوجها. 

يظهر تناول أسماء الأسد، لهذا الملف كيف تمارس الحكومات السياسات الإعلامية والثقافية لتشكيل الرأي العام، يقودنا ذلك أيضاً إلى ضرورة فهم التكتيكات السياسية والإعلامية حيث يمكن أن تساعد أكثر في تقييم تأثير الأحداث على مستقبل القضايا الاجتماعية الحساسة في منطقة الشرق الأدنى. 

شارك!