تعد خطوة الخروج إلى العلن بالنسبة لأفراد مجتمع الميم ع السوري (المثليين والمثليات، مزدوجوا ومزدوجات التوجه الجنسي، العابرين/ات، وغيرهم/ن) عملية صعبة ومعقدة وبالتأكيد ليست مباشرة وينطبق هذا الوصف على الأفراد الذين/ اللواتي غادروا/ن البلاد، أما لمن في داخل سوريا، فالوصف الأكثر مطابقة لإعلان الهوية الجندرية بأنها: خطوة شبه مستحيلة.
لكن! هناك من واجه/ واجهت هذه العوائق، باستخدام الأزياء والإكسسوارات التي شكلت تفاصيلها هامشاً يسمح بالخروج مع الذات وإعلانها لمن يفهمها، فكان الترميز والتشفير بديلا للتواصل والتصريح المباشر، لكنه مع ذلك لم يمنع المخاطر.
بالنسبة للمثليّات السوريات تحديداً، بَدا أنّهن وجدن في اللباس أداة تعبيرية تعكس هويتهن، وتساهم في بناء مرئيّة خاصة بعيدا عن رقابة المجتمع.
في التشفير تصريح: بعض الإشارات الخفية في الأزياء
تصريح! لأنها تحولت – الأزياء – من كونها مجرد إشارات مُشفّرة إلى وسيلة لتعريف الذات، جزء من لغة سرية، ترسل رسالة للقادرين على فك شفرتها دون لفت انتباه الخارجين عن المجتمع الكويري، لكنها لن تجنب بالكامل الاضطهاد المجتمعي أو القانوني، ففي بلد مثل سوريا، أصبحت الملابس مدعاة إضافية للتنميط والتمييز بأشكاله، وباتت من وجهة نظر السواد الأعظم مصدر تهديد للنظام الأبوي.
وإن ترجمت بعض الأزياء باعتبارها تمردا ومقاومة لقمع التقاليد الذكورية من قبل المجتمع وأفراده، تمثل قطع الإكسسوارات مثل الأقراط المتعددة في الأذن أو الحُلِي على الأنف، القمصان والكنزات الواسعة، البناطيل العريضة وأحذية الرياضة، ربطة العنق أو الأحذية الذكورية، إشارات خفية قد تفتح أفق التعارف بين المثليات في الأماكن الآمنة.
وبالتأكيد، ليست كل من ترتدي هذه الأزياء مثليّة! أو أن كل المثليات تلتزمن بهذا النمط أو ذاك، إلا أنها أصبحت جزءاً من ثقافة جمالية كويريّة تسمح ببناء هوية مرئية، وخلق انتماء جماعي.
اللباس “الكويري” بين التمرد وإعادة تعريف الأنوثة:
في عالم الموضة أحدثت الألبسة الكويريّة قطيعة مع الصور النمطية للأنوثة التقليدية، وهو سبب آخر شجع المزيد من المثليات على تبنيها، إليكن/م على سبيل المثال لا الحصر أشهر الأساليب في اختيار الأزياء بالنسبة لجزء من المثليات:
- أسلوب الـ Butch “البوتش”: الملابس “الذكورية” بالكامل، البدلات الرسمية، القمصان والبناطيل القماشية والجينزات والأحذية.
- أسلوب الـ Tomboy “التومبوي”: القمصان العريضة، والملابس الرياضية، والأحذية الرياضية.
يُلاحَظُ أيضاً أن الفساتين والجاكيتات الصلبة، والملابس المُعاد تصميمها لتمويه الحدود بين “الذكوري” و”الأنثوي”، تعد جزءا من اختيارات قسم من المثليات، بالإضافة إلى رموز أخرى: كالوشم (وشم بينك فلويد)، الخاتم في الأصابع الوسطى أو السبابة أو الإبهام، قصات الـ”Undercut”، الأقراط المتعددة على الأذن.
بالنسبة للعديد من المثليات وأفراد مجتمع الميم ع بشكل عام، فإن الاختيار الكويري في اللباس ليس مجرد موضة، بل خطوة في وجه الخضوع لمعايير الجندر الثنائية، وهو إعادة تعريف آخر لمفاهيم “الأنوثة” و”الذكورة”. هو ليس قماشاً يُغطي الجسد فحسب، بل جسرا بين الذات الداخلية والعالم الخارجي، ووسيلة للوجود وخطوة تمهد لواقع أكثر انفتاحا لنكون مرئيين ومرئيات دون الحاجة للتشفير أو حتى الإعلان الصريح.
شمس قاسيون – صحفي/ة وكاتب/ة سوري/ة