يوم الخروج من الخزانة: تجارب سورية مثلية في الإعلان عن الهوية

“إنك تخاف من ميولك هو الأسوأ، افخر بميولك ومن يحبك سيقدر ذلك!”. رونا – شابة مثلية سورية.

“عندما كنت في المرحلة الإعدادية، كنت اتصرف بشكل عفوي كمثلي الجنس، أضع القليل من مساحيق التجميل، وبعد التعرّض للتنمر ثم الأذى، قررت إخفاء هويتي ولا أمتلك الثقة للخروج.” ريان – شاب سوري مثلي.

“أعتقد أن الظهور العلني ليس بالضرورة أن يكون مادياً أو في الأماكن العامة”. حيدر – شاب سوري مثلي.

في مثل هذا اليوم في كل عام يحتفل أفراد مجتمع الميم ع في عدد من البلدان حول العالم بيوم الخروج من الخزانة، يرمز هذا التعبير عن الخروج العلني والإفصاح عن الهوية أمام العائلة أو الأصدقاء والصديقات أو حتى الزملاء والزميلات في الدراسة أو العمل، وفيما تبدو فكرة الخروج من الخزانة في الوقت الراهن أمراً شبه مستحيل، عند كثير من أفراد مجتمع الميم ع في سوريا، طلبنا من قرائنا ومتابعينا ومتابعاتنا، مشاركة تجاربهم/ن حول هذا الموضوع، من خلال استبيان مفتوح شمل 65 شخصا، قمنا بنشره بالشراكة مع منصة LGBT بالعربي الشهر الماضي، حيث اخترنا أجوبة خمسة عشر شخصاً حول السؤال التالي: 

  • شاركنا قصتك أو قصة أشخاص آخرين عن الظهور العلني، وما هي نصيحتك في ذلك؟ 

تأتي أهمية تسليط الضوء على التجارب الفردية تجاه مسألة الإفصاح عن الهوية المثلية أو الخروج من الخزانة باعتبارها رحلة إرشادية لتجنب الأخطاء والاستفادة من الاستراتيجيات المتبعة في الخروج العلني، بالإضافة إلى أنها قد تزيد من بناء الثقة، لكنها بالتأكيد – هذه التجارب – تشكل دعماً معنوياً، لا سيما بالنسبة للمقبلين/ات على هذه الخطوة الجريئة. 

تقول آندي إنها لم تظهر على العلن بعد، لكنها تتذكّر قصة واحد من أصدقائها: 

“لم أظهر بعد، لكن لدي صديق Transman ظاهر علنا، تقبّلته عائلته حين أخبر والدته بأنه يشعر بأنه شاب وليس879 فتاة كما ولد، بكيت أمه في البداية لكنها تقبّلته لاحقاً، أما أنا فلم أخبر عائلتي بعد”.

أما دي تشرح الاندفاعة والحماس في مراهقتها للخروج العلني، وذلك بسبب علاقة حب مع فتاة أخرى كما تقول: 

“في أول علاقة لي مع فتاة لم ندرك خطورة الظهور العلني، كان يدفعنا الحب فقط، ما جلب لنا سنوات من التهديد بالقتل والملاحقة ما اضطرنا للهروب بعد تعرضها للتعنيف من قبل والدتها. وجود مجتمع داعم هو عامل مهم جدا في حياة أي إنسان سواء كان مثلي أو مغاير. ونحن لم نحظى بذلك بشبه تام”.

السياق يختلف كثيراً في منطقة إدلب السورية حيث يقيم الشاب حيدر، لكنه يجد طرقاً أخرى للخروج من الخزانة… والعودة إليها:

“الظهور العلني في سوريا خصوصاً في منطقة تحت سيطرة تنظيمات متشددة يعتبر مخاطرة كبيرة تهدد حياتي، ومع ذلك أعتقد أن الظهور العلني ليس بالضرورة أن يكون مادياً أو في الأماكن العامة، يمكن أن يكون عبر الإنترنت أو في مجتمعات مغلقة وأمنة. هناك دائما طرق أخرى للتعبير عن نفسك ودعم المجتمع بطرق أكثر أمانا”.

تحكي لنا الفنانة الاستعراضية راديكا قصتها قبل الظهور وبعده: 

“قبل الظهور عندما كنت لا أزال في سوريا، كانت فكرة العلاقة مع شخص آخر مثل الحلم أو الهدف الصعب، مريت بتجارب كثيرة كانت سامة وانتهت بأثر غريب، بعد الظهور وهجرتي لبيئة آمنة وجدت أنو الحب اللي عم دور عليه أنا فيني قدمه لنفسي. أكبر حب ممكن تقديمه لأنفسكم هو السفر لمكان آمن، لأن المجتمع المغاير أو حتى مجتمعنا، مبني على الجذرية وأن الآخر يريد الشر لكم، وهناك تنميط كبير خصوصا بين المثليين الذكور”.

بينما واجه ريان مواقفاً من التنمر والأذى عندما كان مراهقا بسبب “عفويته” في وضع مساحيق التجميل، ما جعله يعيد حساباته: 

“لا زلت غير ظاهر علنياً إلى الآن، لكن عندما كنت في المرحلة الإعدادية بشكل عفوي كنت اتصرف كمثلي الجنس، أضع القليل من مساحيق التجميل، وبعد التعرض للتنمر ثم الأذى، قررت إخفاء هويتي ولا أمتلك الثقة للخروج. أنصح بالظهور في بلد آمن، وأعتقد أن الخروج مع أصدقاء من مجتمعنا يوفر الدعم المعنوي في هذه الخطوة”. 

في بداية ظهوره إثر اكتشاف ذلك من قبل والدته، اعتقد زين أنه “عار” على عائلته بسبب مثليته، لكن ما اتضح معه لاحقاً أن عائلته تحبه “كيفما كان”: 

“عندما كنت في المرحلة الثانوية، كنت على علاقة بصديق لي، لكنه كان غير متقبل لنفسه غالبا، وكنت لا أعرف أن آخرين مثلنا في العالم فدخلنا في قوقعة مظلمة، لكنها كانت سنة ونصف رائعة. في إحدى المرات قامت والدتي بفتح هاتفي أثناء غيابي عن المنزل وقراءة المحادثات بيني وبين عشيقي. لم أعلم عند وصولي أن قنبلة بانتظاري. كانت عيون أمي مليئة بالخوف والرفض المرعب لفكرة أني مثلي. بكيت كثيرا كما أبكي الآن أثناء كتابتي القصة. كان إخوتي من الداعمين لي، سألوني في نفس اليوم: هل أنت فعلا مثلي؟” وأجبت: نعم أنا كذلك وأعتذر لأني عار عليكم. لكنهم عبروا عن حبهم لي “كيف ما كنت”. لاحقا تركني صديقي خوفا من “الفضيحة”، بدأت رحلة باعتباري ظاهر علنيا ضمن الأوساط القريبة، باستثناء والدتي، كنت أعود إلى الخزانة عندما أكون معها، لكن مؤخرا عدت للخروج 😂❤️”.

تجد ريحان الخوري أن الخروج من الخزانة أمر صعب: 

“مع الأسف لا زلت بداخل الخزانة، وأعيش صراع منذ طفولتي مع الأمر، حاولت كثيرا دون نتيجة.. “

لكن رونا لديها كلام آخر:

“إنك تخاف من ميولك هو الأسوأ، افخر بميولك ومن يحبك سيقدر ذلك!

أول مرة قلت لصديقاتي أن حبيبتي أنثى كنت متوترة وخائفة، اختلفت ردات الفعل حينها بين لا داعي لأن أحد يعلم بذلك وسعداء لمعرفة ذلك”.

بالنسبة للشاب باسل فيرى أن الظهور العلني يجب أن يتم بالتدريج وأن البدء به يجب أن يكون من العائلة:

“الأهل هم دافع ومصدر القوة الأكبر بالعالم، نصيحتي هي محاولة إخبارهم تدريجيا وتوعيتهم”. 

يشاركنا بودي ذكريات مؤلمة بسبب ظهوره للآخرين رغم محاولته إخفاء مثليته:  

“التنمر أثناء الخدمة العسكرية الإلزامية. مهما حاولت إخفاء مثليتك ستبدو ظاهرة للآخرين ويبدأ التنمر. 

تعرضت للضرب والاستبعاد على مدى 30 شهر أثناء الخدمة الإلزامية، ذات الأشخاص الذين ضربوني نهارا، قاموا باغتصابي ليلا، دون أن أستطيع اللجوء للحماية”. 

ي/ترى نور أن الاختباء أفضل وأن الألم موجود في كل الحالات:

“أنصح جميع المثليين والمثليات بالحذر الشديد من الظهور علنا، أعلم أن الاختباء مؤلم، لكن ما فائدة الظهور مع الذلة والرفض والقمع، وفي نهاية المطاف سنتحمل الألم بكل حالاتنا”. 

بينما يروي لنا باسل تجربته مع الظهور العلني:

“لم أستطع الوقوف أمام المجتمع والإفصاح عن مثليتي، حتى سن الثلاثين، أمسكت بيد صديقي وقلت بأننا في علاقة حب. تقبلنا المحيط لكن بحذر”. 

يخبرنا سام أيضاً كيف تجاوز الصعاب في إيجاد الدعم:

“خلال فترة إقامتي في اللاذقية، تعرضت لمواقف من التمييز والتهديدات والاعتداءات اللفظية والجسدية بسبب ميولي، ورغم ذلك قررت أن أكون صريحا بشأن هويتي، كنت أعرف أن الصدق مع نفسي هو الطريق الوحيد للانطلاق نحو حياة أفضل. وجدت أن الدعم من الأصدقاء والمنظمات الحقوقية كان لهما دور كبير في مساعدتي على تجاوز هذه التحديات. تعلمت من تجاربي أن المجتمع يمكن أن يكون داعما وأن الانفتاح يمكن أن يكون له أثر قوي”. 

أرادت إيما أن تشارك قصتها فلا شيء مستحيل من وجهة نظرها:

“اليوم أكمل 42 عاما متزوجة من الفتاة التي أحببتها بعد قصة دامت لأكثر من تسع سنوات، أنا أعيش بعيدا عن سوريا وأشارك قصتي لأفراد المجتمع في سوريا، هذا حقنا في الحياة ولا شيء مستحيل”. 

أما نصيحة المشترك رقم 60:

“نصيحتي هي “حب نفسك” وتحرر من الضغوط وآثار القمع، ذلك يحتاج وقتا، الاعتناء بالنفس، لا تجلد ذاتك، ولا تدخل في علاقات غير صحية. ابق كما انت”. 

يجدر التنويه مجددا أن الخروج من الخزانة بالنسبة لأفراد مجتمع الميم ع، لا سيما بالنسبة للمتواجدين/ات في دول مثل سوريا، قد يكون أمراً صعباً للغاية، نظراً للقيود الاجتماعية والدينية والقانونية. ولهذا إليكم نصائح لخّصناها من تجاربكم/ن حول الظهور العلني لكن تذكروا دائماً أن السلامة الشخصيّة ضمن أولى الاعتبارات: 

  • اختيار الوقت المناسب 
  • كن/كوني صادقاً/ة مع نفسك
  • ابدأ/ي من الأقرب والأكثر دعماً 
  • توقع/ي جميع الردود وكن/ي صبوراً/ة .

شارك!